تخطى إلى المحتوى

العلاقة بين المخدرات والانتحار موضوع يجب أن يدرس لأهميته

مشكلة الادمان مشكلة عويصة ومن وقع في هذا الطريق الوعر فقد وقع في فخ كبير لكن المشكلة الكبري هو الاستمرار في هذا المنزلق الوعر الذي يأخذ الاشخاص الي الهلاك المؤكد لذا وان كان علاج الادمان ليس طريقاً وردياً لكنه ليس امراً مستحيلاً وكم من الاشخاص الذين تعافوا من الادمان وخرجوا من هذا العالم الي عالم النور  .

كلنا سيعبر هذا الطريق فالموت طريقه لابد ان يسلكه الجميع لكن ان تذهب الي الله وهو راض عنك ام ان تذهب اليه وانت تحتسي السموم وتتعاطي المخدرات ؟ هل تذهب الي ربك وانت قاتل لنفسك ام في طريق طاعة وخير , ومن ثم فمجرد التفكير بالموت في طريق التعاطي مفزع أيما فزع ومقلق أيما قلق للمدمن ومن حوله .

المخدرات من الطرق التي تؤدي الي الموت لكن الموت المؤلم للجميع فلك ان تتخيل كيف حال الاسرة التي يموت فيها شخص نتيجة جرعة زائدة من المخدرات ؟ او يموت بالايدز والامراض الفيروسية نتيجة التعاطي بالحقن للمخدرات ونقل العدوي التي تسبب في موته ؟ او الانتحار الناتج عن تعاطي المخدرات نتيجة حالة الاكتئاب التي تحيط بالشخص ؟

كيف سيكون حال المجتمع الذي يفقد مئات الشباب من الانتحار في طريق التعاطي انها مصيبة واي مصيبة تعم علي الجميع سواء الفرد الذي يلقي مصرعه بسبب المخدرات و حالة الاحباط واليأس التي تعم علي الاسرة ؟ ولذا فلا شك ان علاج الادمان يحمي الاشخاص من الموت المحقق وكم من الاشخاص الذين تاهوا في هذا الطريق ! ولم يجدوا انفسهم الا في تعداد الموتي .

المخدرات تقتل تفكير الشخص وتغيب عقله عن الصواب ؟

التفكير في الانتحار والتخلص من الحياة وقتل النفس من قبل المدمنين قد يكون اندفاعياً وبلا اي تخطيط او تفكير , فالمخدرات تنقل المدمن سريعاً من مرحلة التفكير الي مرحلة التخطيط فبمجرد دخول الفكرة الي الدماغ لا يلبث ان يقوم بوضع خطة لتنفيذ الانتحار بخلاف الانسان الطبيعي الغير مدمن فربما تراود فكرة الانتحار العديد من الاشخاص لكنه حين يحللها ويري مخاطر الامر تراه يتراجع الي الوراء لا ينفذها ويحسب عواقب الامور بخلاف المدمن الذي تصير الفكرة في محل التنفيذ في غضون دقائق وهذا الامر يتجلي بصورة كبيرة في الحالات التي ترتبط بالتدهور المزمن والمستمر في صحة الشخص المريض والظروف الحياتية التي يواجهها والوضع الاجتماعي .

عوامل تزيد من خطورة اقبال المدمنين علي الانتحار ؟

مشكلة الانتحار قد تكون من المشاكل العصبية في رحلة علاج الادمان , ومما يصعب الامور ومهمة العلاج من الادمان لدي المعالجين هي التحكم والسيطرة علي الاشخاص في منعهم من الوقوع في هذا الامر ومما يأزم الامور ان غالبية الاشخاص المدمنين خاصة من هم في صغار السن من المدمنين او المدمنين في مرحلة المراهقة او ادمان البنات يخبرون اصدقاؤهم فقط عن نيتهم بالانتحار ولا يعرف اي من افراد الاسرة او دكتور علاج الادمان او طبيب نفسي معالج اي شيء عن نية المدمن .

المشكلة الاكبر انه حتي لو اباح بفكرة الانتحار فان من حوله لا يعبأون له ولا يأخذون فكرة الانتحار لدي المدمن علي محمل الجد وقد يكون الشخص قد اعد الخطة وفي محل التنفيذ ومع عدم تقديم المساعدة يحدث ما لا يحمد عقباه .

وهناك العديد من العوامل التي تزيد من خطورة الانتحار في الاوساط الادمانية ونذكر منها :-

أولاً التأثير المباشر لتعاطي المخدرات :- التسمم بالمخدر هو ما ينشده الشخص المدمن اذ تتفاقم لديه الميول العدوانية التي يوجهها الي نفسه والتي تقترن في الاساس بعدم قدرة علي التركيز وفقد السيطرة علي النفس وعدم القدرة علي الحكم علي الاشياء بصورة صحيحة وبشكل متزن , فحين ننظر مثلا الي تعاطي الكوكايين او الادمان علي الكحوليات فانهما يرتبطان كثيراً بحالات الانتحار الغير مسبوقة بالتفكير ولا التخطيط ولكنه اندفاع بتهور نحو الموت !

تزداد خطورة الاقبال علي الانتحار لدي مدمني المخدرات كلما زادت كمية المخدرات التي يتعاطاها الاشخاص وزياة جرعات المخدرات , وبالرغم من معرفة الشخص المدمن ما يؤول اليه امره الا ان الكثير الغالب من الاشخاص المدمنين اثناء علاج الادمان فانهم ينكرون تماماً اي نية للانتحار او قتل النفس كما انهم ينفون انهم يتعاطون المخدرات اصلاً بالرغم من النتائج المخبرية التي تؤكد تعاطيهم للمخدرات فالان في ظل وجود معامل تحليل المخدرات ومختبرات يتم التعرف من خلالها علي الشخص المدمن وتحليل المخدرات الان يعرفنا الي اي مدي وصل الشخص في مرحلة التعاطي ومدي السموم في الجسد فالامر مكشوف ولا داعي للانكار لان الانكار عن التعاطي ضرره سيكون علي الشخص المدمن اكثر ما يكون .

الجرعات العالية من التعاطي هو اسلوب لدي مدمني المخدرات يسمي ” الانتحار الطارئ ” وفي حقيقة الامر الشخص المدمن يعلم ما هي النتيجة الحتمية من جراء تعاطي الجرعات من المخدرات بكميات زائدة ولكنه يقبل عليه وبصورة متكررة حتي مع ظهور علامات تشير الي قرب الوفاة مثل حدوث الام في الصدر و تشويش في الرؤية ودوخة وع ضيق في التنفس .

وقد اشارت الدراسات ان هناك العديد من ضحايا جرائم القتل التي تمت يحملون في دمهم تركيزاً عالياً من المواد المخدرة وهذا يشير الي ان التعاطي لجرعات عالية وحدوث حالة من التسمم بالمخدر ينتج عنها في الغاب جرائم القتل وقد يلجأ مدمني المخدرات  في بعض الاحيان الي  الانتحار بصورة غير مباشرة من خلال افتعال مشاكل مع اشخاص مجرمين .

السلوك الادماني العام الذي يكون فيه المددمن يدفعه الي القيام بالتصرفات التي يكون فيها احتمال الموت كبيراص الا انه بطبيعته كمدمن يتصرف بعدوانية ودون اي احتياطات كجزء من السلوك الداعر مثل الاشتراك مع اخرين في التعاطي والتعامل بالادوية والمواد الملوثة وقد تكون ملوثة بدم فاسد الا ان ذلك جزاءاً من سلوكيات الشخص المدمن .

ثانياً ترافق المخدرات مع الامراض النفسية :- في حقيقة الامر من اصعب الامراض التي قد يواجهها دكتور نفساني او دكتور علاج الادمان هو مريض التشخيص المزدوج وهذا المرض في حقيقة الامر لا يعد مرضاً فقط ولكن المريض يعاني من مرض الادمان بالاضافة الي مرض نفسي او ذهاني مصاحب لمرض الادمان , والامر ليس هيناً فمرض الادمان وحده من اصعب الامراض من حيث العلاج خاصة مع حدوث الانتكاسات فمريض التشخيص المزدوج بحاجة الي طبيب نفساني بجانب دكتور لعلاج الادمان ويكون العلاج بالتزامن لعلاج الادمان والمرض الذهاني او العصابي او النفسي المصاحب للادمان .

من اكثر الامراض النفسية المصاحبة للادمان هي الاكتئاب فالترافق بين الاكتئاب والادمان يعد خلطة قاتلة بالنسبة للشخص المدمن وتتضاعف حالات الانتحار اذا مارافق الادمان الاكتئاب بخلاف اذا كان كلا منهما علي حده ولا شك ان التعافي من الادمان يقللل من خطورة الانتحار بشكل كبير .

الاكتئاب يرافق الادمان فيما يقارب 50% من النساء المدمنات علي الخمر بينما 25% من نسبة الرجال المدمنين علي الخمر , كذا فان تعاطي الكوكايين و الهيروين فتبلغ نسبة الاكتئاب  ما بين 15% الي 30% .

ثالثاً ترافق الادمان علي المخدرات مع الشخصية المضادة للمجتمع :- اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع من الاضطرابات الشخصية المنتشرة بين ممني المخدرات , وان كان البعض يري ان سلوك التعاطي واالدمان من التصرفات العدوانية الموجهة للمدمن وللاسرة وللمجتمع باسره ومن السمات الاساسية لتلك الشخصية هو السلوك الاندفاعي الذي يزيد من خطر الاقبال علي الانتحار والاندفاع الي قتل النفس  .

رابعاً الظروف الاجتماعية والمشاكل الحياتية :- من اكبر اسباب الادمان علي المخدرات مواجهة المدمن ظروف حياتية  كفقد زوجة او حدوث حالة طلاق او فقد شخص عزيز او التعرض لمشاكل في حياته مادية او اقتصادية او اجتماعية ومواقف في تحتاج الي التحدي والمثابرة والصبر ولكن لان الشخص لا يريد المواجهة ولا تحدي الصعب فيهرب من هذا العالم الي عالم ولو وهمي الا انه يحقق له النشوة والسرور ولو للحظات فيذهب الي تعاطي المخدرات , وتؤكد الدراسات الي ان ما يقارب ثلث الاشخاص المدمنين علي المخدرات قد انتحروا بسبب مشاكل طارئة لازمتهم قبيل الانتحار بنحو ستة اشهر .

خامساً العمر :- تزداد نسبة الانتحار في الاشخاص المدمنين كلما زاد عمر الشخص ولا يعلم هل هذه الزيادة بسبب عامل السن ام ان الشخص قد دخل في مرحلة من الادمان والتي زاد معها التدهور وزيادة المشكلة , وقد وجدت الدراسات المختصة ان هناك 80% تقريباً من الحالات في الاعمار ما بين 15 الي 25 سنة وتبلغ نسبة الاشخاص المنتحرين ممن يتعاطون المخدرات والخمور في المنتحرين في تلك المرحلة العمرية قرابة الثلث .

سادساً الجنس :- خطر الاصابة بالانتحار لدي الرجال اكثر من النساء وهناك ما يزيد عن 80% من نسبة المدمنين المنتحرين من الرجال ولعل ذلك بسبب ان الرجال اكثر بكثير من ادمان البنات وادمان الاناث كذا فان الرجال اكثر عرضة للمشاكل عن النساء ومواجهتهن لظروف الحياة .

سابعاً تاريخ سابق علي محاولات الانتحار :- وهو من عوامل الخطورة الكبيرة فوصول الشخص الي تلك المرحلة يعني انه عرف طريق الانتحار وتزداد اهمية تلك النقطة كمؤشر اذا ما كان الشخص قد استخدم السلاح الناري وغيرها من الطرق العنيفة في الانتحار كالقفز امام سيارة او محاولة شنق نفسه .

خاتمة

رسالة يجب ان توجه منا في اختيار للطب النفسي وعلاج الادمان الي انه حين يسمع الاشخاص المدمنين بان هناك شخص توفي نتيجة جرعة زائدة من اي مخدر مثلا الهيروين فان هذا الامر يجعل الاشخاص يتهافتون علي نفس تاجر المخدرات المروج الذي اشتري من الشخص الهيروين وتسبب في موته وتلك الظاهرة غير مفهومة بالمرة حتي ولو كان التفسير الاقرب لذلك انهم يتلهفون لاجل التاثير القوي للهيروين وقوة المخدر .