تخطى إلى المحتوى

كيفية دمج المدمن في المجتمع

دمج المدمن في المجتمع

كيفية دمج المدمن في المجتمع ليست مجرد خطوة بعد التعافي، بل هي ولادة جديدة لشخص جديد تماماً، فبعد رحلة مليئة بالألم والتحديات، يصبح تقبّل المجتمع له يمنحه القوة للاستمرار، ويمنحنا نحن الفرصة لاحتضان إنسان تغيّر للأفضل، فالتعافي لا يكتمل بالعلاج فقط، بل يبدأ عندما يجد المتعافي مكانه بين الناس بثقة، وكرامة.

ما التحديات التي يواجهها المدمن بعد التعافي؟

قبل دخولك إلى مركز علاج الإدمان، كنت على الأرجح في مرحلة لا تستطيع فيها تخيّل الحياة من دون إدمانك، ومع ذلك كنت تدرك أنك لم تعد قادرًا على الاستمرار في الحياة معه. التعامل مع الحياة كما هي ليس أمرًا سهلاً، خصوصًا للمدمن الذي بدأ للتو حياة نظيفة، وخالية من التعاطي، ويرغب في معرفة كيفية دمج المدمن في المجتمع.

سيتعين عليك مواجهة حقيقة الأضرار التي تسبب بها إدمانك التي قد تعني أحيانًا أنك لن تتمكن من العودة إلى عملك السابق، أو أن علاقتك بشريك حياتك قد انتهت بشكل دائم.

ومع مرور الوقت، وبالاستمرار في الحفاظ على تعافيك من خلال مبادئ التعافي، ستسير الأمور في الاتجاه الصحيح كما يجب.

لكن ذلك يحتاج إلى الصبر، والوقت، وقد لا يتماشى دائمًا مع رغباتك أو توقعاتك، وحاول أن تتذكّر الصورة الكبرى، وتركّز على التعافي يومًا بيوم.

عند مغادرتك مركز الإدمان، من المهم جدًا أن تواصل الحصول على الدعم المحلي، وأي رعاية لاحقة متاحة من خلال برنامج العلاج الذي أنهيته.

سيساعدك ذلك على التكيّف مع الحياة النظيفة، والخالية من الإدمان، ومواجهة التحديات التي قد تمر بها خلال السنة الأولى من التعافي.

ومن الخطير أن تغادر مركز التأهيل، وأنت تتوقع أن كل شيء أصبح على ما يرام، وأن العائلة ستستقبلك مجددًا لمجرد أنك أصبحت نظيفًا. 

تحتاج استعادة الثقة إلى وقت، وجهد كبير مع أفراد العائلة والأحباء؛ فهناك اعتذارات يجب تقديمها، وجسور يجب إعادة بنائها.

وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هي الاستمرار في الالتزام بالتعافي، والحرص للحصول على الدعم المستمر، وقبل كل شيء البقاء نظيفًا مع تغيير في طريقة التفكير، ونظرتك للحياة.

دمج المدمن في المجتمع
دمج المدمن في المجتمع

كيفية دمج المدمن في المجتمع بعد التعافي

الحياة بعد الإدمان لا تعني العودة إلى ذاتك القديمة، بل تعني بناء شيء أفضل، لذلك لا بد من الالتزام بما يلي: 

  • صفاء ذهني، واستقرار عاطفي أفضل.
  • علاقات أقوى مع الأحباء.
  • نمط حياة صحي، وتحسن في الصحة الجسدية.
  • فرص جديدة في العمل أو التعليم.
  • آليات تكيّف أقوى، وقدرة أكبر على الصمود.

كيفية دمج المدمن في المجتمع نفسيا

يجد المدمن صعوبة في إيجاد الهدف بعد مرحلة التعافي، فالهدف ليس شيئًا يمكن أن يمنحك إياه الآخرون، بل هو أمر يجب أن تُعرّفه بنفسك سواء وجدت هدفك في العائلة، أو الإيمان، أو العمل، أو خدمة الآخرين.

وإليك بعض الطرق العملية لاكتشاف وتبنّي هدف في حياتك بعد الإدمان:

  • وضع أهداف شخصية

سواء كنت ترغب في العودة إلى الدراسة، أو الحصول على وظيفة جديدة، أو تحسين صحتك الجسدية، أو إصلاح علاقة متوترة.

ويساعد تحديد أهداف قابلة للتحقيق على الحفاظ على التركيز، لذلك ابدأ بخطوات صغيرة، وواصل التقدم تدريجيًا، فكل خطوة للأمام تُحدث فرقًا في كيفية دمج المدمن في المجتمع.

  • اكتشاف شغفك

قد يسرق الإدمان منك متعة الحياة، والآن حان الوقت لاستكشاف الهوايات أو الأعمال التطوعية أو الأنشطة الإبداعية التي كانت تمنحك شعورًا بالرضا أو تجربة أشياء جديدة تمامًا، ويمكن لهذه الأنشطة أن تملأ وقتك بما يمنحك معنى، وإيجابية.

  • بناء شبكة دعم قوية

يعتمد كيفية دمج المدمن في المجتمع من خلال إحاطة نفسك بأشخاص يدعمون التزامك بالتعافي، لذلك اعتمد على العائلة، والأصدقاء، والمعالجين، ومجموعات الدعم الجماعية، إذ يساعد الاتصال بالآخرين على مكافحة العزلة.

  • الصحة النفسية والعاطفية للمدمن

ترتبط الصحة النفسية والإدمان ارتباطًا وثيقًا، ففي كثير من الأحيان، يعاني الأفراد من اضطرابات متزامنة مثل الاكتئاب أو القلق أو الصدمات النفسية، ويُعد التعامل مع هذه المشكلات بشكل مباشر أمرًا ضروريًا لتحقيق تعافٍ طويل الأمد.

  • اطلب استشارة مهنية

يمكن للعلاج النفسي أن يساعدك في معالجة الصدمات السابقة، وتعلّم مهارات جديدة للتكيّف، والحفاظ على التزامك بأهداف التعافي، وتقدم مراكز إعادة التأهيل مجموعة شاملة من خدمات دعم الصحة السلوكية المصممة لتناسب احتياجاتك.

  • فكّر في العلاج الأسري

لا يؤثر الإدمان على الفرد فقط، بل يمتد أثره إلى جميع المقربين منه، ويمكن للعلاج الأسري أن يساعد في إصلاح العلاقات المتضررة، وبناء علاقات أكثر صحة في المستقبل.

  • إعادة بناء البيئة المحيطة

تلعب بيئتك دورًا كبيرًا في الحفاظ على التعافي، فإذا كانت حياتك المنزلية مليئة بالمحفزات أو الإغراءات أو الصراعات، فقد تحتاج إلى إعادة بناء بيئتك لتكون أكثر أمانًا ودعمًا.

  • تجنّب الأشخاص والأماكن عالية الخطورة

كيفية دمج المدمن في المجتمع قد يعني ذلك قطع العلاقات مع بعض الأصدقاء القدامى أو الابتعاد عن الأماكن التي ترتبط بتعاطي المخدرات أو الكحول، وتذكّر أن سلامتك، والتزامك بالتعافي يجب أن يكونا أولوية قصوى.

  • فكر في خيار السكن الداعم 

إذا كان من الصعب العثور على بيئة آمنة، ومنظمة في المنزل، يمكن أن تكون منازل التعافي خيارًا مثاليًا كجسر بين العلاج، والعيش المستقل، وتوفر هذه المرافق دعم الأقران، والمساءلة، ونمط حياة خالٍ من المواد المخدرة.

  • تبني أسلوب حياة صحي

يدعم الجسد السليم العقل السليم، وقد تحسن العناية بصحتك الجسدية مزاجك، وتقلل من الرغبة في التعاطي، وتعزز ثقتك بنفسك.

  • مارس العناية الذاتية يوميًا

تساعد التمارين الرياضية الحركة المنتظمة في تعزيز الإندورفين، وتقليل التوتر، وتناول نظامًا غذائيًا متوازنًا لدعم عملية التعافي.

واحرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد لتعزيز الشفاء، كما تساعد تقنيات مثل التأمل، واليوغا، والتنفس العميق في تقليل القلق، وتنظيم المشاعر.

  • مارس الامتنان وكن حاضرًا في اللحظة

الوعي بالتقدم الذي أحرزته، وتقدير الانتصارات الصغيرة يمكن أن يغير طريقة تفكيرك، ويمكن لتدوين اليوميات أو ممارسة تمارين الامتنان اليومية أن تعزز التفكير الإيجابي، وتقلل من الميل للتفكير في أخطاء الماضي.

كيفية دمج المدمن في المجتمع وبناء ثقته 

 أخيرًا بالالتزام بالتوقعات، إذ يجعل الإدمان الشديد من الصعب الالتزام بالأهداف، ويجعل التفكير لما بعد 24 ساعة أمرًا صعبًا.

ولمعرفة كيفية دمج المدمن في المجتمع، من الضروري التغلب على الإدمان، والوفاء بالالتزامات في العلاقات الشخصية، والحياة المهنية، إذ يواجه الأشخاص الذين يعانون من الإدمان صعوبة في العلاقات؛ لأن الآخرين يرونهم غير موثوقين، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بهم.

يمكنك إعادة بناء العلاقات التي تضررت عندما تُظهر أنك تعافيت، وأنك تتحمل مسؤولية أفعالك، وسيدرك الناس صدق تعافيك عندما تُثبت باستمرار أنك شخص جدير بالثقة في جميع جوانب حياتك.

كيفية دمج المدمن في المجتمع مهنياً 

إذا كان صراعك مع الإدمان قد أبعدك عن العمل لفترة من الوقت، فقد يكون من الصعب العثور على وظيفة جديدة، ومن المؤسف أن الفترات الفارغة في سجلّك المهني قد تبدو غير جذابة لبعض أصحاب العمل.

كما أن سمعتك المهنية قد تكون تضررت بسبب سلوكك أثناء فترة تعاطي المواد المخدرة، وقد تضطر لحضور العديد من المقابلات قبل أن تتمكن من الحصول على وظيفة، وقد يبدو الأمر مكررًا.

ومن الطبيعي أن يكون صعبًا نفسيًا، لكن من المهم جدًا أن تحافظ على نظرة إيجابية طوال هذه العملية، وقد يزداد التوتر الناتج عن البحث عن عمل جديد بشكل كبير من احتمالية الانتكاس، لذلك عليك أن تتعامل مع هذه المرحلة بإصرار، وعزيمة.

إذا تمكنت من الحفاظ على روح إيجابية، فستكون فرصك في النجاح بالمقابلات أكبر بكثير، أما إذا دخلت التجربة وأنت تتوقع الفشل، فستُقلّل من فرصك في النجاح، وقد تجد نفسك تخلق ما يُعرف بـ نبوءة تتحقق ذاتيًا أي أنك تفشل لأنك توقعت الفشل منذ البداية.

دمج المدمن في المجتمع

دور الأسرة في كيفية دمج المدمن في المجتمع 

يُحدث الإدمان تأثيرًا متسلسلًا مدمّرًا يمتد إلى جميع من يحيطون بالمدمن، فغالبًا ما تكون العائلة في حالة حذر وخوف شديدين؛ فبعضهم قد يُفرِط في حماية الشخص، ظنًا منهم أنهم بذلك يمنعونه من الانتكاس، بينما يختار آخرون الابتعاد عنه خوفًا من عودته إلى سلوكياته القديمة، وإدمانه مرة أخرى.

قد يتأثر الأطفال، وأفراد العائلة المقربون بشدة بسلوك المدمن قبل خضوعه للعلاج، لذلك، تقدم جميع مراكز إعادة التأهيل لدينا برنامج تعافي خاصة بالعائلة، لأن أفراد الأسرة أنفسهم بحاجة إلى الدعم لمساعدتهم على الشفاء من الأوضاع غير الصحية، والمضي قدمًا نحو مستقبل أفضل.

وفي بعض الحالات، نوصي بضرورة خضوع أفراد العائلة أيضًا إلى الاستشارة النفسية، والعلاج الفردي، أما بالنسبة للأطفال، فمن الضروري أن يحصلوا على المساعدة، والدعم من خلال الطبيب العام، إذ إن الأطفال يواجهون صعوبة في تحديد مشاعرهم والتعبير عنها، وغالبًا ما يكونون الأكثر تضررًا من وجود أحد الوالدين في حالة إدمان.

ومع مرور الوقت، والثقة المتبادلة، واستمرار التعافي، والدعم المهني، يمكن إصلاح هذه الأضرار، واستعادة التوازن الأسري من جديد.

الخلاصة 

تظل كيفية دمج المدمن في المجتمع مسؤولية مشتركة تبدأ بالتفهم، وتنمو بالدعم، وتنضج بالثقة، إذ يحمل كل متعافٍ قصة نهوض تستحق أن تُروى لا أن تُدان، وإن منح المدمن فرصة جديدة يعني منحه حياة جديدة، ومجتمعنا يزداد قوة حين يحتضن أبناءه بدلاً من أن يُقصيهم. 

المصادر 

arArabic