صرخة أب ممزوجة بشعور من الحسرة والألم والخوف قائًلا ” هل السجن للمدمن حل؟ اكتشفت أن أبني مُدمن مخدرات وأبحث عن حل سريع وجذري يساعده في الإقلاع والتعافي من تلك السموم القاتلة والفتاكة، هكذا تتوالى لدينا كل لحظة العديد من الإتصالات والرسائل من أولياء الأمور تبحث عن النجدة من إدمان أبنائهم.
والسؤال الذي يتردد بكثرة حول هذا الأمر هو هل السجن للمدمن حل، يساعد في التخلص من الإدمان على المخدرات؟ والحقيقة هي أن إدمان المخدرات قضية عميقة الجذور، وتتعالى الأصوات والآراء من الحين للأخر بهدف تغليظ العقوبات على ديلر المخدرات ومتعاطيها بالحبس، فهل هذا حلًا جوهريًا للحد من اندلاع هذه الظاهرة؟
هناك من يقول أن الشخص يجب أن يكون لديه القدرة للتغلب على تعاطي المخدرات أو الإدمان عند إرساله إلى السجن، لأنه بمجرد أن يتم سجنهم لا يمكنهم الحصول على المخدرات على أي حال.
والآخر يقول أن المدمن يستحق المساعدة المهنية للتغلب والتعافي الصحيح دون التعرض لأي انتكاسات، خاصًة أن السجن هو بيئة مهيئة لمعاقبة المجرم ومنعه من التمتع بجميع ملذات الحياة، يهدف إلى تشجيع المجرم على التغيير من سلوكياتهم.
لذا، نحاول من خلال المقال الوصول إلى الإجابة المحددة والنهائية الصحيحة لجميع التساؤلات التي تدور حول هذا الموضوع، ليكون مرجع ودليل واضح وقوي أمام أي شخص يتسائل عن هل السجن للمدمن حل أم أنه أمر غير إنساني؟
هل السجن للمدمن حل؟
لا، لا يعد السجن للمدمن حل، وذلك لأن الحبس والجلوس في الزنزانة بعيدًا عن المادة التي يدمنها الشخص حتى تنتهي مدة عقوبة المدمن لا تكفي للمساعدة في الإدمان، بل من المحتمل أن تُسفر عن آثار عكسية شديد الخطورة على عدة جوانب أهمها، صحة المدمن نفسيًا وجسديًا وتعرض حياته للخطر لقوة الأعراض الانسحابية، وحقوق الإنسان، واضطراب الاستقرار في المجتمع وزيادة معدلات انتشار الجرائم، وزيادة معدل الوفيات.
وهذا لا يعد نهجًا فعالًا للأشخاص التي تعاني من مُشكلات تعاطي المخدرات، ولا يعد حل يساعد في علاج المدمن الذي يتضمن تلقي بروتوكول علاجي مهني كامل يتضمن الرعاية الطبية طوال 24 ساعة، وتلقي الدعم النفسي طوال فترة العلاج والذي يكون هو المعيار الذهبي الوحيد للتعافي من الإدمان دون الانتكاسة.
كما قد تكون هناك حاجة لمزيد من المساعدة النفسية وخدمات العلاج للمدمنين حتى يتمكنوا من التغلب على إدمانهم، وإطلاق سراحهم، ليس فقط العودة إلى العالم، ولكن العودة إلى العالم الذي حلم المدمن الرجوع إليه مرة أخرى بعد الوقوع أثيرًا ومذلولًا بين أيدي الإدمان، فضلًا عن أن المواثيق الدولية تتعامل مع المدمن بنهج لا يعتمد على مبدأ العقاب، بل تعتبره مريض بمرض مثل باقي الأمراض العضوية بحاجة إلى علاج، وليس جريمة.
كما أن تظهر العديد من المُشكلات مع حبس المدمنين، نتحدث عنها بالتفصيل خلال الفقرة القادمة.
موضوع ذات صلة بـ هل السجن للمدمن حل يمكن الاطلاع عليه من هنا
تعرف على مُشكلات أو أضرار حبس المدمنين
تتضمن قائمة الأضرار أو المشكلات التي تظهر مع حبس المدمن داخل السجن دون الخضوع إلى برامج إعادة التأهيل والعلاج المهني تحت الرقابة والعناية الطبية ما يلي:
- الحبس لا يمنع المدمن من تعاطي المُخدرات، بل هناك 95% من المدمنين المسجونين سيعودون بالتأكيد إلى المخدرات بعد انتهاء مدة العقاب، وهناك نسبة تصل إلى 60 % يرتكبون جرائم جديدة، وهناك من يستمر في تعاطي المخدرات بطريقة قهرية إذا سنحت الظروف لتهريب المخدرات داخل السجون.
- على الرغم من أن السجن قد يكون وسيلة لعلاج الجريمة، إلا أنه أنه يعالج القضايا الأساسية، ولا يعالج الإصابة بأي مرض قد يكون وسيلة للقيام بالسلوك الإجرامي.
- محاولة إيذاء المدمن السجين لنفسه وللنُزلاء الآخرين، وذلك نتيجة لشدة الأعراض الإنسحابية.
ولكن كن على علم عزيزي القارئ أن سجن المدمن ربما يكون طريقة فعالة ومُثمرة في بعض الأوقات، خاصةً إذا كان في بداية التعاطي والإدمان في مراحله الأولية، ولكن هذا لا يلغي أحقية المدمن في تلقي العلاج خلال فترة السجن.
ما هي أبرز مخاطر السجن على المدمن؟
سجن المدمن دون تلقي العلاج مع توقف تناول المادة المخدرة بشكل مُفاجئ يعد مخاطرة شديدة الخطورة قد تؤدي إلى الوفاة، أثناء السجن يفقد المدمن السجين القدرة على تحمل الأعراض الإنسحابية لأي نوع مخدر اعتادوا عليه سابقًا، وهذا نتيجة احتياج الجسم جرعات المخدر للتغلب على تلك الأعراض وتتفاوت شدة الأعراض من مدمن لآخر فكلما اعتاد الشخص على تعاطي تركيزات أعلى من المواد المخدرة أو اتجه إلى التعاطي المتعدد، كانت حياته في خطر لشدة الأعراض.
وحتى لو تمكن المدمن من تخطي فترة الانسحاب هذا لا يُعني أنه تعافى 100% بل هو لا يزال معرض للانتكاسة مرة أخرى، وبعد إطلاق سراحه مرة أخرى من السهل أن يتعاطى جرعة زائدة غير مقصودة بعد تناول المادة مرة أخرى.
لا يزال محور موضوع اليوم قائم هل السجن للمدمن حل؟ ولكن نُسلط الضوء الآن على الخطة العلاجية الفعالة لمن هم خلف القضبان.
كيفية علاج المدمن داخل السجن
علاج الإدمان بالسجن لا يقل أهمية عن علاج الإدمان خارج السجن، بل يحتاج إلى نفس العلاجات التي يحتاجها أي مُدمن آخر، للتغلب على الإدمان بشكل كامل، ولكي يتم إبطال مفعول المادة المخدرة لا بد من أن يخضع المُدمن إلى مرحلة سحب السموم وطردها خارج الجسم وإدارة الأعراض الانسحابية، ومن ثم يعاد تأهيل المدمن نفسيًا وسلوكيًا، ثم تتبعه رعاية لاحقة.
ولكن ما يقدمه السجن للمدمن هو التثقيف بشأن المخدرات وتلقي برامج العلاج السلوكي، وهي من أكثر الأساليب استخدامًا لعلاج المدمنين في نظام العدالة الجنائية، وهو ما لا يتوافق مع شروط تلقي بروتوكول علاجي مهني يعالج المدمن ويحميه من خطر الانتكاسة.
في سياق معرفة هل السجن للمدمن حل أقرأ أيضًا عن خطوات تأهيل المدمن المتعافي
هل هناك عوائق تمنع علاج الإدمان داخل السجن؟
نعم، ربما يكون هناك بعض العوائق التي تعترض إمكانية علاج المدمن داخل السجن منها:
- نقص الموارد المادية والعلاجية والنفسية اللازمة لتعافي المدمن والعودة إلى حياة هادئة رصينة مرة أخرى.
- سوء تنظيم برامج العلاج والاعتماد على الفروق الفردية في العلاج.
ومن خلال الفقرة القادمة سنوضح في جدول الفرق ما بين إعادة تأهيل المدمن داخل منشأة مهنية والسجن في تأثيرها على قدرة المدمن في الإقلاع عن الإدمان.
الفرق ما بين تأثير إعادة التأهيل المهني والسجن على المُدمن
إن مقارنة فوائد إعادة التأهيل مقابل عقوبة السجن أمرًا بالغ الأهمية عند النظر إلى المدمنين المتعلقين بجرائم المخدرات والجدول التالي يوضح بطريقة سلسة هل السجن للمدمن حل أم هو خيار كارثي
إعادة التأهيل المهني | السجن |
---|---|
|
|
هل السجن للمدمن حل، يمكن القول بأن إعادة التأهيل هو بديل أفضل بكثير لعقوبة السجن للعديد من المدمنين.
الخلاصة عن هل السجن للمدمن حل؟
لمن يتسائل عن هل السجن للمدمن حل؟ نوضح له بأن السجن ليس حلا جوهريًا وفعالًا في التصدي للأعراض التي تظهر على المدمن بعد الامتناع عن تناول المادة، كما توصلنا إلى أنه لا بد من الإدراك الجيد والاعتراف بأن الإدمان على المخدرات هم مرض عقلي يؤثر على السلوك.
والتعافي من الإدمان يتطلب علاج فعال يتبعه رعاية لاحقة، وتطبيق مراحل علاج الإدمان الرئيسية ال4 السالف ذكرهما في هذا الموضوع، مع الأخذ في الاعتبار علاج إدمان المخدرات لتلبية احتياجات الفرد، ومراقبة استخدام الأدوية بعناية وحرص.