تخطى إلى المحتوى

إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش

إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش، إذ تلجأ للطعام في كل لحظة حزن أو توتر، إدمان الأكل لا يتعلق بالجوع الجسدي فقط، بل هو محاولة لملء فراغ نفسي أو عاطفي لا يُشبع بالطعام حتى يفقد المريض السيطرة على شهيته، ويغرق في دائرة من الندم، والتكرار، والإنكار.

أسباب إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش

إن تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات أو الدهون أو الملح أو السكر أو المُحلّيات الصناعية، يُحفّز مراكز المتعة في الدماغ، ويُطلِق مواد كيميائية تمنح الشعور بالسعادة مثل الدوبامين والسيروتونين، وتؤثر هذه الأطعمة في نفس مناطق الدماغ التي تتأثر بالمخدرات أو الكحول أو السلوكيات الإدمانية مثل التسوق أو المقامرة.

وغالباً ما تحتوي هذه الأطعمة على مواد غير طبيعية أو نسب مرتفعة من مواد طبيعية لا يستطيع الجسم، والدماغ التعامل معها، مما يؤدي إلى فيضان كيميائي من المواد المسببة للشعور الجيد.

ولمساعدة الجسم، والعقل على التمسك بتلك المشاعر الممتعة أو إعادة خلقها، يبدأ الدماغ في اشتهاء هذه الأطعمة بشدة، ومع الوقت، يعدل الدماغ مستقبلاته لمعادلة هذا الاندفاع الكيميائي، مما يجعل الشخص بحاجة إلى كميات أكبر من هذه الأطعمة للحصول على نفس الإحساس بالسعادة.

أعراض إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش

إحدى العلامات الرئيسية لإدمان الطعام هي فقدان السيطرة على سلوكيات الأكل خاصةً عند تناول الأطعمة شديدة المذاق. فإذا شعرت أنك تريد التوقف عن الأكل ولكنك لا تستطيع، أو أنك تأكل حتى تشعر بالغثيان، أو ينتابك الذنب أو الخجل بعد الأكل، فقد تكون تعاني من إدمان الطعام.

قد يحتاج الأشخاص المصابون بإدمان الطعام إلى تناول كميات كبيرة من الطعام؛ ليشعروا بالشبع، مما قد يؤدي إلى زيادة في الوزن، ومع ذلك، قد يتمكن بعضهم من الحفاظ على وزن طبيعي، كما أنه من الشائع أن يختبروا أعراض انسحاب عند التوقف عن تناول نوع معين من الأطعمة، وتشمل هذه الأعراض.

  • الرغبة الشديدة في الأكل.
  • الصداع.
  • العصبية الزائدة.
  • القلق أو الملل.

كما يمكن أن يؤثر إدمان الطعام على العلاقات، والحياة الاجتماعية، فقد يواجه المصابون به مشكلات في العمل أو الدراسة، ويفقدون الاهتمام بالأنشطة التي كانوا يستمتعون بها سابقًا، أو يتجنبون المناسبات الاجتماعية، ويصبحون منعزلين عن العائلة، والأصدقاء.

تأثير إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش   

قد تدرك التأثيرات العميقة التي يتركها إدمان الأكل على مختلف جوانب الحياة، فإذا تُرك دون علاج أو تجاهل، يمكن لإدمان الطعام أن يسيطر بسرعة على حياتك، مسببًا أعراضًا مزمنة وضارة مثل:

التأثيرات الجسدية

واستكمالاً للحديث عن إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش، ويمكن أن يؤدي إدمان الطعام إلى العديد من الآثار الجسدية السلبية؛ نتيجة الإفراط في تناول الطعام، ومن أبرزها:

  • أمراض القلب.
  • مرض السكري.
  • مشكلات في الجهاز الهضمي.
  • سوء التغذية.
  • السمنة.
  • التعب المزمن.
  • الآلام المزمنة.
  • اضطرابات النوم.
  • انخفاض الرغبة الجنسية.
  • الصداع.
  • الخمول.
  • التهاب المفاصل.
  • السكتة الدماغية.
  • أمراض الكلى أو الكبد.
  • هشاشة العظام.

 التأثيرات النفسية

يُمكن أن يكون إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش حتى أصبح منهكًا للصحة النفسية، خاصة عند غياب الدعم أو تلقي مساعدة غير كافية، ومن أبرز آثاره النفسية:

  • تدني تقدير الذات.
  • الاكتئاب.
  • نوبات الهلع.
  • زيادة مشاعر القلق.
  • الإحساس بالحزن أو اليأس أو الإحباط.
  • زيادة العصبية، خاصة عند الحرمان من الطعام المرغوب.
  • الانفصال أو الخدر العاطفي.
  • أفكار انتحارية.

التأثيرات الاجتماعية

يمكن أن يؤثر إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش حتى أصبح مؤثراً على الحياة الاجتماعية، والعلاقات الشخصية، وتشمل آثاره الاجتماعية ما يلي:

  • تدني الأداء في العمل أو الدراسة.
  • العزلة عن الأحباء.
  • توتر أو انقسام داخل الأسرة.
  • فقدان المتعة في الهوايات أو الأنشطة التي كانت ممتعة سابقًا.
  • تجنّب المناسبات الاجتماعية.
  • تعريض الوضع المالي أو المسار المهني للخطر.

إدمان الطعام ليس ضعفًا في الإرادة، بل هو اضطراب يحتاج إلى وعي وعلاج ودعم، فطلب المساعدة هو الخطوة الأولى نحو التعافي واستعادة التوازن الجسدي، والنفسي.

كيف أتخلص من إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش

يُعد إدمان الطعام من الصعب الوقاية منه، لأن تجنب الطعام تمامًا أمر مستحيل، ومع ذلك، فإن من أفضل الاستراتيجيات؛ لتقليل خطر الإصابة به هو تجنّب التعرض المفرط للأطعمة شديدة المذاق من خلال اتباع نظام غذائي صحي، ومتوازن غني بالأطعمة الطبيعية غير المصنعة.

إن تناول غذاء متوازن، وفهم العلامات التحذيرية لإدمان الطعام، سيساعدك على التصرف بسرعة إذا اشتبهت بوجود مشكلة، يتطلب التغلب على إدمان الطعام عادةً اتباع نفس النموذج المستخدم لعلاج أنواع الإدمان الأخرى أي أنك ستحتاج إلى خطة واضحة، ودعم قوي.

عليك تخليص جسمك من السموم عبر تجنّب الأطعمة المحفّزة مثل الوجبات السريعة أو الأطعمة التي تحتوي على السكر المُعالج، وخلال هذه المرحلة، قد تعاني من أعراض انسحاب تتراوح شدتها بين الخفيفة، والحادة.

بعد تنظيف الجسم من السموم، من المهم العمل على تغيير سلوكيات الأكل، قد تحتاج إلى تجنّب بعض الأشخاص أو الأماكن (مثل المطاعم) أو المواقف أو الأطعمة التي تُثير رغبتك الشديدة في الأكل أو تزيد من احتمالية تناولك للأطعمة المسببة للمشكلة، كما يُنصح بفك الارتباط بين الطعام، وبعض العادات أو المواقف، مثل تناول الآيس كريم قبل النوم أو الفشار بالزبدة في السينما.

تشمل استراتيجيات المساعدة الأخرى تتبع استهلاكك للطعام، والتخطيط المسبق للوجبات، وممارسة الأكل بوعي، ورغم أن بعض الأشخاص يمكنهم إعادة إدخال كميات صغيرة من الأطعمة المسببة للمشكلة تدريجيًا إلى نظامهم الغذائي، إلا أن آخرين قد يحتاجون إلى تجنبها تمامًا؛ للحفاظ على السيطرة على إدمان الطعام، عليك مراقبة جيدًا كيف يتفاعل جسدك مع هذه الأطعمة؛ لتحديد الاستراتيجية المناسبة طويلة المدى لإدارتها.

  • العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

يساعدك هذا العلاج على فهم سلوكياتك، والأفكار، والمشاعر التي تقف خلفها، يكسرالمعالج معك الأنماط السلوكية غير الصحية، وإيجاد طرق أفضل للتعامل مع الأفكار، والمشاعر التي تضغط عليك.

  • العلاج السلوكي الجدلي (DBT)

هو أسلوب مبني على العلاج السلوكي المعرفي، لكنه مخصص للأشخاص الذين يعانون من مشاعر قوية وشديدة ويركّز أولًا على تقبّل تلك المشاعر، والتعايش معها، ثم العمل على تغيير السلوكيات الناتجة عنها.

  • العلاج النفسي التفاعلي (IPT)

وفي إطار الحديث عن إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش، يُعد العلاج النفسي التفاعلي نوع من العلاج قصير المدى يركّز على حل النزاعات، والعوامل الضاغطة الحالية في حياتك بدلاً من الغوص في مشكلات الطفولة، ويركّز المعالج على إيجاد حلول عملية للمشكلات التي تسبب لك الألم الآن.

الأدوية

قد تلعب الأدوية دورًا مساندًا في العلاج، فهي لا تعالج اضطراب الأكل الشره بشكل مباشر، لكنها تساعد في السيطرة على العوامل المسببة له، وتشمل:

  • ليسدكسامفيتامين (Vyvanse®): دواء لعلاج اضطراب فرط الحركة، وتشتت الانتباه، وهو أول دواء توافق عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لعلاج اضطراب نوبات الأكل الشره، ويساعد على التحكم في الاندفاعية، لكنه لا يعالج جذور الاضطراب.

  • أدوية لعلاج الاضطرابات النفسية المصاحبة: مثل مضادات الاكتئاب أو أدوية القلق، إذ يساعد علاج هذه الحالات في التخفيف من حدة اضطراب الأكل.

  • مثبطات الشهية: قد يصفها بعض الأطباء لفترة قصيرة، إذ يمكن أن تساعد على كسر حلقة الأكل المفرط، وتسهيل بناء نمط غذائي جديد.

النظام الغذائي والتغذية

يمكن أن يصاب الأشخاص بـ اضطراب الأكل الشره بغض النظر عن شكل الجسم أو حجمه، وقد يعانون في الوقت نفسه من نقص في المغذيات الدقيقة رغم تناولهم كميات زائدة من المغذيات الكبرى.
ويسبب هذا النقص رغبات شديدة في الأكل، وشعورًا دائمًا بعدم الاكتفاء، لذا يمكن أن تساعد المكملات الغذائية، والتثقيف الغذائي في تصحيح هذه المشكلة.

يجد بعض الأشخاص أن اتباع خطة غذائية منظمة، ومتوازنة يساعدهم على تقليل التوتر المرتبط باتخاذ قرارات الأكل، حيث تلبي احتياجاتهم الجسدية، وتقلل فرص الأكل الاندفاعي أو العاطفي، ورغم أن فقدان الوزن ليس الهدف الأساسي من علاج اضطراب الأكل الشره، إلا أنه قد يكون نتيجة جانبية إيجابية تخفف من التوتر لدى البعض.
ومع ذلك، يجب الحذر، لأن الأنظمة الغذائية الصارمة قد تكون محفّزة لنوبات الأكل الشره لدى آخرين.

الخلاصة

إدمان الأكل…لما الأكل يبقى وسيلة للهروب مش للعيش، بل هو صراع داخلي بين الجسد والعقل والعاطفة، قد يبدأ بلحظات راحة مؤقتة، لكنه سرعان ما يتحول إلى حلقة مفرغة من الشعور بالذنب والاشتهاء، والوعي بهذه المشكلة هو أول خطوة نحو التحرر منها، واستعادة التوازن، وبالعلاج والدعم النفسي يمكن استعادة السيطرة على السلوك الغذائي، والعودة لحياة أكثر صحة وسلامًا.

المصادر

 

arArabic