يشترك المدمن في العلاج النفسي مع الطبيب أو الأخصائي النفسي المدرّب على كشف، وفهم، وعلاج التحديات النفسية، والعاطفية، فهل العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات؟، بالطبع، وذلك بسبب دوره المحوري في استكشاف الأسباب الكامنة وراء الإدمان، ويساعد المريض على تعلّم آليات فعّالة للتكيف من خلال برامج العلاج النفسي للإدمان التي تشكّل الأساس الذي يقوم عليه مسار التعافي المستمر.
ما دور العلاج النفسي في التخلص من الإدمان؟
في ضوء الحديث عن العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات، يتدرب الأطباء، والأخصائيين النفسيين على مجموعة متنوعة من التقنيات العلاجية النفسية؛ لتقديم فوائد كبيرة للمرضى في أي مرحلة من مراحل التعافي، لذلك للعلاج النفسي دور كبير لا يمكن إنكاره، وهو:
- يعلّم المرضى المهارات الأساسية لمساعدتهم على التعامل مع المثيرات، والرغبات الشديدة، وضغوط الحياة اليومية دون اللجوء للمخدرات.
- يوفر مساحة آمنة يستطيع المرضى من خلالها استكشاف السبب وراء إدمانهم، إذ يسمح شعورهم بالأمان، ودعمهم بأن يكونوا عُرضة للانفتاح، وإجراء محادثات صادقة تمامًا مع معالجهم.
- يساعد المرضى في مرحلة التعافي على التعوّد على التفكير في أنفسهم، واضطراب تعاطي المواد (SUD) دون إصدار أحكام أو لوم أو شعور بالعار.
- يعلّم المرضى في مرحلة التعافي بعض الاستراتيجيات الفعّالة؛ لتجنب الانتكاس، ويضع خطة شخصية تناسب مجموعة إشارات التحذير الخاصة بهم، وما يجب فعله عند مواجهة أشخاص أو أماكن أو أنشطة تثير لديهم الرغبة في التعاطي نفسيًا.
- يحدث تحولات شخصية من خلال تغيير أنماط التفكير السلبية، والخطيرة، مما يؤدي إلى تغيير نظرة الشخص لنفسه، إذ تنعكس التصورات الذاتية، والمعتقدات مباشرةً على الأفعال، مما يؤدي إلى تغيير السلوكيات بمرور الوقت.
ما خطوات العلاج النفسي بعد الإدمان؟
استكمالاً لحديثنا عن العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات، إذ يقتصر العلاج النفسي، والتغيير السلوكي للمدمن في خمس خطوات رئيسية، وهي:
-
مرحلة ما قبل التأمل
لا يكون المريض في المرحلة الأولى من التعافي من الإدمان مستعداً بعد للدخول في أي برنامج علاجي، وتتسم هذه المرحلة بالدفاعية، والتبرير المستمر لسلوكياته.
كما يظهر لديه نقص واضح في الوعي بالتأثيرات السلبية للإفراط في تعاطي المخدرات أو الكحول، مع تركيز قوي على الآثار الإيجابية التي يشعر بها من خلال المادة التي يختار تعاطيها.
قد يظل المريض في هذه المرحلة بسبب نقص المعلومات حول السلوكيات الإدمانية، ويوجد سبب آخر شائع، وهو الشعور بخيبة الأمل بعد محاولات متكررة، وفاشلة للتعافي، وتجربة برامج العلاج المختلفة.
ويعتقد معظم الأفراد في هذه المرحلة أن التعافي ببساطة غير ممكن بالنسبة لهم، ولكن الحقيقة هي أن أي مريض يمكنه أن يتعافى مهما كانت المرحلة التي يمر بها.
تشمل التحديات في هذه المرحلة الإنكار، ومقاومة أي تدخل خارجي، بالإضافة إلى مشاعر اليأس، وغالبًا ما يجد المقربين صعوبة في التواصل مع المريض دون إثارة ردود فعل دفاعية.
لذلك يُعد التثقيف، والمقابلات التحفيزية، وبناء الثقة، والتعامل بتعاطف بدلاً من المواجهة، فالعلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات، ويساعد المريض على تجاوز هذه المرحلة.
-
مرحلة التأمل في التعافي
تتسم المرحلة التالية بالاستعداد للتفكير في التعافي، أي أن الشخص يصبح مستعدًا لإحداث تغيير في المستقبل، لكن ليس بشكل فوري، وعلى عكس المرحلة السابقة، يصبح الشخص مدركًا لفوائد التوقف عن تعاطي المخدرات.
ومع ذلك، لا يزال الشخص واعيًا بشدة للمكاسب التي يعتقد أنه يحصل عليها من الإدمان على الكحول أو المخدرات بدلاً من تصديق في أن العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات.
وتُعد هذه المرحلة حرجة بالنسبة لأفراد الأسرة، ومراكز العلاج، لأن الشخص يصبح أكثر استعدادًا للاستماع إلى المنطق.
ومن خلال تجنّب اللوم أو إصدار الأحكام، يمكن توجيهه نحو المرحلة التالية، إذ يُعد التردد من أكبر العقبات في هذه المرحلة، فقد يعترف الفرد بالمشكلة، لكنه يظل خائفًا من المجهول المرتبط بالامتناع.
هل سيتمكن من التكيف بعيداً عن الإدمان؟، وهل العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات؟، هل سيفقد صداقات أو عادات يعتمد عليها؟، كما قد تعيقه مشاعر الذنب أو العار أو الخوف من الفشل، ولهذا تُعد هذه المرحلة وقتًا قويًا لتقديم الدعم التحفيزي، وإجراء محادثات خالية من الأحكام.
-
مرحلة التجهيز للتعافي من الإدمان
يبدأ الفرد في الشعور بالإلحاح، والرغبة الجادة في الوصول إلى الامتناع عن التعاطي، وغالبًا ما يتخذ خطوات أولية نحو التغيير، مثل التفكير في الانضمام إلى نادٍ رياضي، أو زيارة مستشار نفسي، أو محاولة الإقلاع عن الإدمان بمفرده دون الالتحاق بمركز علاجي.
ومن الطبيعي قضاء الأشخاص في هذه المرحلة يومًا أو يومين دون اللجوء إلى تعاطي المخدرات أو الكحول، ولكن من المعتاد أيضًا العودة إلى مرحلة التأمل أو ما قبل التأمل عند مواجهة محفزات أو مشاعر صعبة.
تتسم هذه المرحلة بمزيج من الحافز، والهشاشة، فالرغبة في التغيير حقيقية، لكن قد يظل المريض في صراع نفسي من القلق أو الشك أو الخوف من التغيير.
كما قد تعيق الضغوط الخارجية سواء من العائلة، أو النظام القانوني، أو المخاوف الصحية التقدم تبعاً للطريقة التي يُعامل بها.
كما يساعد وجود خطة علاجية مُحكمة بجانب التشجيع، والدعم المهني في ترسيخ التزام الفرد بالتغيير.
-
العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات | مرحلة التعافي
يحدث المريض تغييرات كبيرة في حياته، والتزم بجدية بعملية التغيير، وتتميز هذه المرحلة بفترات طويلة من الامتناع عن التعاطي بجانب اللجوء إلى المختصين طلبًا للمساعدة قبل الانتكاس أو بعده.
ولا يقتصر الأمر على إيقاف السلوكيات المدمرة فحسب، بل تظهر التغييرات في جوانب متعددة من نمط حياة المريض، إذ يهتم بذاته، ويفهم نفسه، ولكن تظل الاستشارة النفسية ضرورية للحفاظ على الاستمرار في طريق التعافي.
غالبًا ما تجلب هذه المرحلة مزيجًا من التمكين، والاضطراب العاطفي، فقد يواجه الأفراد رغبات شديدة، أو تقلبات مزاجية، أو شعورًا بالحزن أثناء التعامل مع الحياة دون مواد مخدرة.
وتُعد محفزات الانتكاس مثل التوتر، أو العلاقات، أو الوحدة شائعة، ولهذا السبب لا بد من الاهتمام بأن العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات سواء من خلال الجلسات الفردية أو الجماعية.
-
مرحلة حماية المدمن من الانتكاسة
يمنع المريض حدوث الانتكاس أثناء التعافي من الإدمان، كما يحافظ على التغييرات الإيجابية في نمط حياته، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والمشاركة في الأنشطة الترفيهية، والحفاظ على الامتناع عن التعاطي، والاهتمام بوقت النوم، وحضور الجلسات النفسية الجماعية.
ولا يشعر بالرغبة في الانتكاس بشكل متكرر كما في مرحلة التعافي، مما يزيد ثقته بنفسه، ويصبح مؤمناً بقدرته على الحفاظ على الامتناع على المدى الطويل.
وقد تستمر هذه المرحلة من ستة أشهر إلى خمس سنوات، وذلك وفقًا لشدة الإدمان، والعوامل الوراثية، وتجارب الفرد. فيوجد بعض الأشخاص الذين يتمكنون بعد ستة أشهر من الامتناع من الوصول إلى نقطة لا يعودون فيها إلى سلوكياتهم الإدمانية توثيقاً بأن العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات.
ولكن يحتاج معظم المرضى إلى التزام يمتد من سنتين إلى خمس سنوات؛ لكسر العادة بشكل حقيقي، وترسيخ التغيير.
يُعد الرضا الزائد أو التراخي من أبرز التحديات في هذه المرحلة، فمع استقرار الحياة وتلاشي ذكريات الإدمان، قد يقلل البعض من انخراطهم في أنظمة الدعم، مما يزيد من خطر الانتكاس.
بينما قد يعاني آخرون من الملل أو الخمول العاطفي أثناء التكيف مع حياة خالية من المواد، ولهذا السبب، يُعد استمرار العلاج النفسي، والحفاظ على التواصل المجتمعي، وعيش حياة ذات معنى عناصر أساسية للتعافي على المدى الطويل.
ما أهمية المتابعة بعد التعافي من الإدمان؟
في إطار الحديث عن العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات، فعندما يصل الشخص إلى مرحلة الحماية من الانتكاسة، فهذا لا يعني أنه قد شُفي تمامًا من الإدمان.
فكما هو الحال مع مرض السكري أو أمراض القلب، يُعد الإدمان مرضاً مزمناً يتطلب تغييرات كبيرة في نمط الحياة؛ للحفاظ على السيطرة عليها.
لذلك من الضروري أن يبذل المريض في رحلة التعافي جهدًا مستمراً للحفاظ على التعافي، فالتراخي أو الاعتقاد بأن العمل قد انتهى بمجرد الوصول إلى مرحلة الحماية غالبًا ما يكون طريقًا مباشرًا نحو الانتكاس.
كما يساعد برنامج المتابعة بعد التعافي من الإدمان في البقاء على المسار الصحيح، والاستمرار في ممارسة ما تعلّمه المريض في فترة إعادة التأهيل سواء كان ذلك من خلال العلاج الفردي، أو مجموعات الدعم، أو اجتماعات برنامج الـ 12 خطوة، أو برنامج علاجي خارجي.
لذلك نوصي بالبقاء في أحد برامج المتابعة بعد التعافي من الإدمان لمدة عام إلى عامين على الأقل بعد الانتهاء من برنامج إعادة التأهيل.
هل العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات؟
يساعد العلاج السلوكي المعرفي في التعرّف على المواقف الخطيرة التي قد تؤدي إلى الانتكاس، والتحكم بها، ومنعها. وفي خلال هذه العملية، ستتعلم استراتيجيات للتكيف، ومهارات لحل المشكلات، وطرقًا للتعرّف على المحفزات أو المواقف الخطيرة.
وعادةً ما يُقدَّم العلاج السلوكي المعرفي للوقاية في جلسات علاج فردية أو جماعية، وتُصمَّم أهداف الخطة العلاجية لتناسب احتياجات المريض الخاصة، وتشمل تحقيق بعض الأهداف، وهي:
- تقليل خطر الانتكاس.
- تحسين مهارات التكيف.
- تعزيز قدرات التواصل، وحل المشكلات.
- زيادة الوعي الذاتي.
- تقليل مستويات التوتر، والقلق
- تعزيز احترام الذات.
- تحسين العلاقات مع الأسرة، والأصدقاء، وشبكات الدعم الأخرى.
- تحسين الصحة النفسية العامة.
نصائح لحماية المدمن من الانتكاس
بعد التأكد من أن العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات، إليك بعض النصائح لحماية نفسك من خطر الانتكاسة:
- استمر في الاستفادة من الدعم المتاح لك، سواء من خلال جلسات علاج فردية، أو جلسات جماعية، أو أنشطة، أو مجموعات دعم من خلال قضاء الوقت مع أشخاص يشبهونك يفهمون تجاربك، ويدعمون مسارك الجديد.
- حاول عدم قضاء المناسبات العاطفية من السنة بمفردك، إذا كان لديك عيد ميلاد أو ذكرى سنوية قادمة، أو كان الوقت قريبًا من الأعياد مثل الكريسماس، فحاول تنظيم الوقت؛ لتكون مع أشخاص يدعمونك.
- التصديق بأن العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات سواء من خلال الجلسات الفردية أو الجماعية أو العلاج الأسري.
- تجنّب الأشياء التي تعتقد أنها قد تثير لديك الرغبة في الانتكاس، فقد تكون أماكن تذكرك بتعاطي المخدرات أو الكحول، أو أشخاص لا يدعمون تعافيك، أو مواقف مليئة بالتوتر.
- يفضل المرضى في مرحلة التعافي شغل وقتهم في العمل أو ممارسة هواية جديدة أو القيام بأعمال تطوعية، كما قد يكون مفيداً التخطيط لأنشطتك الأسبوعية حتى يكون لديك دائمًا شيء إيجابي تركز عليه.
- حاول إعداد قائمة بالأشياء الإيجابية التي حققتها بفضل تعافيك، فإذا بدأت عملًا جديدًا أو استعدت علاقتك بأسرتك، فمن الجيد أن تذكّر نفسك بهذه الإنجازات.
- مراقبة أي تغييرات في طريقة تفكيرك أو سلوكك، على سبيل المثال، قد تبدأ باسترجاع ذكريات جميلة عن فترة تعاطيك السابقة، أو تقنع نفسك أن تجربة واحدة فقط لن تضر، أو تحاول إخفاء مشاعرك عن الآخرين.
الخلاصة
العلاج النفسي يحمي من الرجوع للمخدرات من خلال إمداده بالأدوات اللازمة للتعامل مع التحديات، وضبط المثيرات، إذ يتعلم الفرد كيفية مواجهة مشاعره بدلًا من الهروب منها بالإدمان، ومع مرور الوقت، تساعده الجلسات العلاجية على الوصول إلى حياة مستقرة، ومتزنة.
المصادر
- Understanding relapse and how to prevent one
- Relapse Prevention Counseling
- The Five Stages of Addiction Recovery
- THE ROLE OF THERAPY IN ADDICTION RECOVERY