علاقة وثيقة وخطيرة بين الاكتئاب والإدمان لابد من التنويه عنها بشكل دائم، فالدراسات السريرية أكدت على التلازم الخطير ما بين الاكتئاب والإدمان حول العالم، ونحن هنا نتحدث عن أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا وهو الاكتئاب السريري الذي يؤثر على مشاعر الشخص وتفكيره وسلوكه، أما الإدمان اضطراب ومرض مزمن يجبر الناس على تعاطي مواد معينة بشكل قهري أو ممارسة أنشطة معينة رغم عواقبها السلبية أو الضارة المحتملة، وبالدراسات للأسف ما يكون الاكتئاب والإدمان حالتين متزامنتين، لذا يكون التعامل معهما معًا أمرًا صعبًا للغاية يحتاج إلى عناية متخصصة.
ما هو الاكتئاب؟
مع بدأ الحديث عن العلاقة بين بين الاكتئاب والإدمان سنوضح نبذة مختصرة عن تعرف الاكتئاب، هو اضطراب مزاجي يؤثر على مشاعر الشخص وتفكيره وسلوكه، وأعراضه تنطوي على الشعور المستمر بالحزن أو الانفعال أو الغضب واليأس بدون سبب واضح ويستمر ذلك لعدة أسابيع متواصلة، أيضًا من الأعراض الشائعة الأخرى الشعور الذنب وتغيرات في الشهية والوزن وفقدان الطاقة والإرهاق واضطرابات النوم وفقدان التركيز والانتباه وعدم الاهتمام بالأنشطة المفضلة والرغبة في البقاء وحيدًا.
والمؤسف أن الاكتئاب من الاضطرابات النفسية الأكثر تأثيرًا على الصحة البدنية والعلاقات الاجتماعية والمهنية، ويعاني منه حوالي 350 مليون شخص حول العالم، إلا أن 15% من المصابين فقط يتلقون العلاج، فلك أن تتخيل حجم المعاناة التي يتكبدها الآخرين والمخاطر التي تلاحقهم بالوقوع في فخ الإدمان.
ما هو الإدمان؟
بين الاكتئاب والإدمان علاقة وثيقة لمعرفتها سنتحدث عن مفهوم الإدمان، الذي يقصد به اعتماد الفرد جسديًا ونفسيًا على المادة المخدرة أو سلوك ما كالقمار أو التسوق أو الأفلام الإباحية، أيضًا الإدمان على الجنس أو شرب كميات مفرطة من الكحول بانتظام أو تعاطي المخدرات المنشطة وغيرها، والسبب غالبًا الرغبة في التكيف مع الحياة ومواقفها الصعبة المتكررة.
وفي العصر الحالي الإدمان يعد من الاضطرابات التي يصاب بها الملايين من البشر حول العالم، والمشكلة الأساسية حول صعوبة التخلص من الإدمان هي الأعراض الانسحابية التي تصاحب محاولة الإقلاع عن مادة معينة قدرتهم على ضبط أنفسهم تمامًا، من المهم أن نفهم أن العديد من المدمنين يدركون تأثيره على حياتهم وعلى من حولهم إلا أنه يجدون صعوبة في التوقف.
بين الاكتئاب والإدمان

بين الاكتئاب والإدمان علاقة وثيقة تم إثباتها من خلال الدراسات السريرية، فالذين يعانون من الاكتئاب على الأغلب يعانون من الاكتئاب، كذلك مرضى الاكتئاب أكثر عرضة للمعاناة من الإدمان سواء على مادة مخدرة أو سوك معين، ويرجع السبب إلى محاول مرضى الاكتئاب التخلص من مشاعرهم السلبية كالحزن والقلق واليأس وغيرها بتعاطي مادة مخدرة أو ممارسة سلوك معين يحفز من إفراز هرمونات السعادة للشعور بالنشوة.

أما المدمنين يعانون من الاكتئاب بسبب تاثير المادة المخدرة أو الكحوليات أو الإفراط في سلوك معين على الاستقرار الذهني، لأن مشاعر السعادة والنشوة تحت تأثير الإدمان تكون مؤقتة وسرعان ما تختفي، وهنا يصاب بالحزن واليأس وااضيق الذي يؤدي مع مرور الوقت إلى الاكتئاب الحاد، ومن هنا أصبحت العلاقة بين الاكتئاب والإدمان وثيقة ومتزامنة.
العلاقة بين اضطرابات الصحة النفسية والإدمان
في إطار موضوعنا حول العلاقة بين الاكتئاب والإدمان سنتحدث بشكل عام عن العلاقة بين الإدمان والاضطرابات النفسية التي يعاني منها الفرد، وتتمثل في النقاط التالية:
- تؤثر العوامل الوراثية والبيئة والتوتر والصدمات النفسية على الدماغ ووظائفه، مما قد يؤدي إلى تطور اضطرابات تعاطي المخدرات واضطرابات الصحة النفسية، بالإضافة إلى ذلك تشير التقديرات إلى أن 40-60% من قابلية الشخص للإصابة باضطراب تعاطي المخدرات ترجع إلى العوامل الوراثية.
- تساهم اضطرابات الصحة النفسية في تطور اضطراب تعاطي المخدرات، حيث يلجأ بعض الأفراد الذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية إلى إساءة استخدام المخدرات والكحول لتخدير أعراض الاكتئاب أو محاولة التخلص منها.
كيف نعالج الاكتئاب والإدمان معًا؟
بين الاكتئاب والإدمان علاقة متزامنة خطيرة تجعل من الصعب التعامل معها، لذا لا يمكنك أن تساعد المدمن المصاب بالاكتئاب على العلاج والتعافي، فلابد من التواصل مع طبيب متخصص بمثل هذه الحالات التي تتطلب الجمع بين برنامج العلاجي الخاص بمرضى الإدمان وعلاج الاكتئاب معًا، فلا يوجد أفضل من الفريق الطبي بمركز CHOOSE لعلاج الإدمان والطب النفسي الذي يقدم برامج علاجية على قدر من التخصص والفعالية للتخلص من حالة الترابط بين الاكتئاب والإدمان على النحو التالي:
أولًا: الفحص الطبي الشامل
لعلاج العلاقة بين الاكتئاب والإدمان يجب أن يبدأ الفريق الطبي بالمركز المتخصص بإجراء فحوصات طبية دقيق وشاملة، والتي تشمل كلًا من تحليل صورة الدم وتحليل الفيروسات وتحليل نسبة المخدرات بالجسم وتحليل وظائف الكبد والكلى والغدد الصماء، ويتم ذلك بجانب التقييمات والاختبارات السلوكية والنفسية للكشف عن الاضطرابات النفسية المتزامنة كالاكتئاب، للبدء في تحديد أدق البرامج العلاجية المناسبة للوضع الصحي لكل مريض.
ثانيًا: العلاج الدوائي
المرحلة الثانية من العلاج تبدأ مع التوقف تمامًا عن تعاطي أي مخدرات، ومواجهة الأعراض الانسحابية ويتم التعامل معها من خلال البرنامج الدوائي لتخفيف حدة الألم، ويوجد فريق طبي لمتابعة المؤشرات الحيوية لمريض على مدار اليوم للتأكد من استقرار وضعه الصحي، ويكون ذلك بداخل واحدة من أفضل البيئات العلاجية التي تحسن من الوضع النفسي لمريض الإدمان.
ثالثًا: العلاج النفسي والتأهيل السلوكي
التخلص من الترابط بين الاكتئاب والإدمان يكمن في العلاج النفسي والتأهيل السلوكي، الذي يهدف إلى معالجة العديد من الجوانب أبرزها الأسباب النفسية التي دفعت الزوج للإدمان مثل الاكتئاب أو اضطرابات القلق العام أو القلق والتوتر من خلال جلسات العلاج النفسي الفردي.
وإحداث تغيير سلوكي شامل واستبداله أفكاره وسلوكياته المرتبطة بالمخدر بأخرى إيجابية، وتعليمه أساليب لمقاومة أفكار التعاطي من خلال برامج التأهيل السلوكي، بجانب علاج الأمراض النفسية المصاحبة للإدمان مثل هلاوس وضلالات وفصام جنون العظمة، بالإضافة إلى استخدام الأدوية النفسية اللازمة لإعادة توازن المخ داخل الجسم مرة أخرى، ومن أبرز برامج العلاج النفسي الأتي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): حيث أثبت العلاج السلوكي المعرفي فعاليته الكبيرة في علاج اضطرابات المزاج واضطراب تعاطي المخدرات معًا، ومساعدة المرضى على تعديل المعتقدات والسلوكيات الضارة التي تُؤثر على حياتهم اليومية.
- العلاج السلوكي الجدلي (DBT): حيث يعمل العلاج السلوكي الجدلي على الحد من السلوكيات التي تنطوي على إيذاء النفس كتعاطي المخدرات والأفكار أو محاولات الانتحار تحت تأثير اضطراب الاكتئاب.
- المقابلة التحفيزية (MI): تساعد المقابلة التحفيزية المرضى على بناء وتعزيز التزامهم بالتغيير والاستمرار في التعافي المستدام.
رابعًا: التأهيل الاجتماعي لمنع الانتكاسة
المراحل العلاجية التي تتميز بها أنظمة العلاج داخل مركز CHOOSE لعلاج الإدمان والطب النفسي برامج التأهيل الاجتماعي لمنع الانتكاسة، وذلك من حلال إعادة دمج المدمن المتعافي بالمجتمع الخارجي مرة أخرويتم ذلك من خلال مجموعة من الخطوات كما يلي:
- تدريب المتعافي على العيش بدون المادة المخدرة أو ممارسة سلوك ما.
- الحد عن العوامل التي تدفع المدمن المتعافي إلى التعاطي من أصدقاء السوء وأشياء أو أماكن قد تذكره بأيام التعاطي.
- كيفية التعامل مع ضغوطات العمل والحياة اليومية ومستويات القلق والتوتر بدون اللجوء إلى المخدر.
- تعليم الأسرة كيفية التعامل مع المتعافي بعد الخروج من المصحة، والتركيز على تقديم الدعم من أجل الاستمرار في رحلة التعافي والعلاج وتجنب الانتكاسة.