Skip to content

العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء

العائلة السامة وتأثيرها على الأبناء

كيف نتعامل مع العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء بعد أن كانت العائلة هي الملاذ الأول لكل إنسان، لكن عندما يتحوّل هذا الملاذ إلى مصدر للألم، وتُدمّر بثبات دون وعي أو اكتراث، وتترك تربية الأبناء في بيئة يملؤها الانتقاد، والتلاعب، والضغط العاطفي ندوبًا نفسية عميقة، قد تستمر مدى الحياة، وينشأ الطفل حائرًا بين الحب والخوف، ويبحث عن القبول ممن يؤذونه.

ما هي علامات الشخصية السامة في العائلة؟

سنستعرض معًا 10 علامات واضحة تُظهر أنك تتعامل مع العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء، ومن أهمها:

  • الانتقاد المستمر

حتى عندما تقوم بعملٍ جيد، يجدون دائمًا خطأً ما، يقللون من إنجازاتك أو يتجاهلونها تمامًا، يسخرون من اختياراتك، أو يستخدمون “النكات” التي تجرح أكثر مما تُضحك.

وإحدى أبرز علامات العلاقات العائلية السامة هي عندما لا يستطيع أحد أفراد العائلة التوقف عن انتقاد كل تصرف تقوم به، كما تستخدم العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء الانتقاد كوسيلة للسيطرة عليك أو للتقليل من شأنك.

  • التلاعب النفسي

يحدث التلاعب النفسي عندما يجعلك أحدهم تشك في واقعك أو في نفسك، ويقوم بتحريف الحقائق، وإنكار تجاربك، أو يجعلك تشعر بأنك أنت المشكلة. 

ويُعد هذا النوع من التلاعب العاطفي داخل العائلة علامة واضحة على السمية، ويمكن أن يُضعف هذا الأسلوب ثقتك بنفسك، ويجعلك تفقد إحساسك بذاتك.

  • عدم احترام الحدود

سواء كانت حدودًا عاطفية، جسدية، أو رقمية، إذ يتجاهل أفراد العائلة السامة الحدود أو يتجاوزونها عمدًا، وأمثلة على ذلك:

  • الظهور دون دعوة.
  • قراءة رسائلك الخاصة.
  • الضغط عليك للحديث عن أمور لست مستعدًا لمشاركتها.
  • الاستمرار في فعل أشياء طلبت منهم التوقف عنها.

تحترم العائلات الصحية الحدود، أما العائلات السامة فتحاول محوها.

  • تشعر بالإرهاق العاطفي بعد التعامل معهم

انتبه لما تشعر به بعد التحدث معهم، إذا كنت تشعر بشكل متكرر بالقلق، أو التوتر، أو الذنب، أو الإرهاق، فهذه إشارة تحذيرية واضحة.

أتذكر أنني كنت أشعر وكأنني خضت ماراثونًا ذهنيًا بعد التفاعل مع أحد أفراد العائلة، كنت أُرهق تمامًا بعد كل محاولة لتجنب المواضيع التي قد تثير غضبها، ومراقبة كلماتي حتى لا تسيء إليها، وتجنّب مشاركة أي شيء إيجابي عن حياتنا خوفًا من ردّ فعلها السلبي.

  • ينشرون النميمة ويفتعلون الدراما

يحبّ أفراد العائلة السامة إثارة الفوضى، وإشعال الخلافات بين الناس، ونشر الشائعات، وغالبًا ما يتظاهرون في الوقت نفسه بأنهم الوسيط الذي يحاول تهدئة الأمور، ومن المستحيل أن تنشأ الثقة عندما يستخدم شخص ما المعلومات كسلاح ضد الآخرين.

  • يستخدمون الغضب أو التجاهل كوسيلة للسيطرة

ينفجرون غضبًا عندما تقول “لا”، أو يتجاهلونك كعقاب، أو يثورون عندما لا تسير الأمور كما يريدون، وفكّر في السلوكيات العائلية المسيئة عاطفيًا مثل الصراخ أو العويل أو رفع الصوت دون سبب واضح.

أما “سياسة الصمت” أو التجاهل المتعمّد فهي شكل من أشكال حرمان الطرف الآخر من التواصل، وغالبًا ما تُستخدم كأداة للتلاعب أو السيطرة، إذ يرفض أحدهم الحديث مع الآخر بدافع الغضب أو رغبة في العقاب.

وقد تتراوح من الامتناع عن الرد على الحديث إلى أساليب سلبية أكثر مثل التجاهل التام أو عدم الرد على الرسائل، فالبالغون الحقيقيون يمكنهم التحدث، ومناقشة الأمور، ولا يمارسون سلوكيات أسرية مسيئة عاطفيًا.

  • يجعلونك تشعر بالخزي أو الإحراج أمام الآخرين

ينتقدونك في التجمعات العائلية، ويسخرون من أسلوب حياتك، أو يشاركون أمورك الخاصة بهدف إحراجك أمام الناس.

وترفع العائلات الصحية من شأنك، بينما تظهر العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء، فتحطمهم لتشعر هي بالقوة.

  • تشعر بأنك “مُجبر” لا “محبوب”

يجعلونك تشعر بأنك مدين لهم بوجودك، أو بوقتك، أو بمالك، أو حتى بصمتك، ويستخدمون هذا النوع من الابتزاز العاطفي لإجبارك على القيام بأشياء لا تريدها، مثل قضاء الوقت معهم رغم إرهاقك.

قد تجبرك العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء على حضور مناسبات لا ترغب بها، أو الاتصال بهم أسبوعيًا رغم علمك أن الحديث سيتحول إلى سلسلة من الشكاوى والتذمر، فلا يحتاج الحب الحقيقي إلى الشعور بالذنب كدليل عليه.

  • تشعر وكأنك تمشي على قشر البيض حولهم

تراقب كلماتك، وتصرفاتك بحذر شديد لتتجنب إثارة غضبهم، وتشعر بالقلق حتى قبل أن تبدأ المحادثة معهم، وتتجنب مواضيع معينة فقط للحفاظ على الهدوء، وتجد نفسك تتصرف بأسلوب “الصخرة الرمادية” أي تحاول ألا تُظهر أي مشاعر أو تفاصيل عن حياتك حتى لا يستخدموها ضدك لاحقًا.

وفي إطار الحديث عن العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء، فهذا ليس شكل علاقة صحية، بل هو وضع بقاء عاطفي تحاول فيه حماية نفسك من الأذى.

العائلة السامة وتأثيرها على الأبناء

هل المشاكل العائلية تؤثر على الشخص؟

قد تظهر العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء بطريقة سلبية، ومن أهم هذه التأثيرات:

  • ضعف تقدير الذات، وانعدام التعاطف مع الآخرين.
  • صعوبة التعامل مع أصحاب السلطة أو الشخصيات القيادية.
  • حساسية مفرطة تجاه الانتقاد الشخصي، وردود فعل سريعة بالغضب.
  • حاجة دائمة للحصول على التقدير أو القبول من الآخرين.
  • البحث اللاواعي عن علاقات مختلة مشابهة لما عاشه الفرد في طفولته.
  • عدم تحمّل المسؤولية في مواجهة المشكلات الشخصية.
  • الشعور بالذنب عند محاولة إظهار التعاطف مع الذات.
  • الإحساس بالعجز واليأس.
  • خوف غير منطقي من الهجر أو الرفض يؤدي إلى التعلّق المفرط بالآخرين.
  • انعدام الثقة وصعوبة وضع الحدود.

يمكن أن تترك النشأة داخل عائلة مضطربة آثارًا سلبية عميقة تمتد إلى مراحل لاحقة من الحياة، ولهذا فإن الوقاية، والتدخل المبكر أمران ضروريان للغاية.

ما الصدمات النفسية الناتجة عن العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء على المدى الطويل؟

تشمل تأثيرات العائلة السامة على الأبناء على المدى الطويل:

  • الآثار النفسية

يصبح الأطفال الذين نشأوا في عائلات سامة أكثر عرضة للإصابة بمشكلات معرفية مثل ضعف الذاكرة، وصعوبة التركيز، وضعف القدرة على ضبط النفس.

كما قد يكونون أكثر قابلية للإصابة بالاكتئاب، والقلق، واضطرابات نفسية أخرى، ويُلاحظ لديهم احتمال أعلى لظهور سمات معادية للمجتمع، وقد يكون اضطراب ما بعد الصدمة أحد النتائج المحتملة للإساءة العاطفية أو الإهمال.

  • الآثار الجسدية

تشمل التأثيرات طويلة المدى تغيرات في بنية الدماغ ووظائفه، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض جسدية مثل السكري، والنوبات القلبية، والسرطان.

  • الآثار السلوكية

قد يؤدي النمو في عائلة سامة إلى سلوكيات غير صحية مثل الممارسات الجنسية الخطرة، أو تعاطي المواد المخدرة، أو ممارسة العنف وسوء المعاملة، بل وحتى الانخراط في أنشطة إجرامية في مراحل لاحقة من الحياة.

كيف أتعافى من تأثير العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء؟

يوجد بعض الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها للتعافي من العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء من خلال:

  • يساعد تدوين المشاعر الطفل على التنفيس عمّا بداخله، والتعبير عن انفعالاته.
  • ممارسة الهوايات، فعندما ينشغل الطفل في أنشطة يحبها، يمكن أن يتحسن مزاجه بشكل ملحوظ.
  • طلب الدعم، وقد يساعد الحصول على دعم شخصي أو مهني الطفل على مواجهة الصعوبات التي يمر بها في المنزل.
  • وضع الحدود، وقد يساعد تحديد شخص بالغ ناضج وداعم داخل العائلة الطفل على تعلم كيفية وضع حدود صحية.
  • التركيز على الذات، فيمكن للطفل أن يركز على نفسه بدلاً من تحمّل مسؤولية سلوك والديه أو مشاكلهم.
  • التواصل مع الجهات المختصة بحماية الطفل مثل اليونيسف أو القوانين المعنية، إذ يساعد في منع العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء، والتعامل معها عند حدوثها.
  • إن التغلب على صدمة الماضي الناتجة عن النشأة في عائلة مضطربة أمر صعب، لكنه ضروري جدًا.
  • تساعد ممارسة الرياضة على زيادة مستوى السيروتونين الذي يلعب دورًا مهمًا في الشعور بالسعادة.
  • تساعد التأكيدات الإيجابية (positive affirmations) مع الذات على تفكيك الأفكار التلقائية السلبية، والمعتقدات غير المنطقية التي تراكمت على مر السنين.
  • قد يساعد إعطاء الأولوية للعناية الذاتية على تعويض سنوات من الإهمال أو الإساءة، وتشمل العناية الذاتية وضع حدود صحية مع الآخرين، بما في ذلك أفراد العائلة السامين.
  • يساعد العمل على تجاوز مشاعر الذنب، ولوم الذات، ويحافظ على هذه الحدود.
  • يساعد إنشاء شبكة دعم صحية من الأصدقاء أو الأشخاص الموثوقين في أن تكون عامل حماية فعّال.
  • تجنب التفاعل مع العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء قدر الإمكان، لأن ذلك يقلل فرص التلاعب، والشعور بالذنب، والتنمّر، واندلاع الخلافات.
  • يتيح التعبير عن المشاعر المكبوتة، ويساعد الانخراط في أنشطة إبداعية مثل الفن أو الموسيقى أو الرقص على التعافي النفسي، والعاطفي.

كما يُعدّ دور المدرسة محوريًا في هذا الجانب، فعندما تعلّم المدرسة الأطفال عن العواطف، والحدود، والإساءة، يصبح الطفل أكثر قدرة على تطبيق بعض هذه الأساليب.

ومن الضروري أن يفهم الطفل أهمية مشاركة المعلومات المزعجة مع أشخاص موثوقين للحصول على المساعدة، والدعم.

العائلة السامة وتأثيرها على الأبناء

طرق حماية النفس من العائلة السامة

لا بد من حماية نفسك من العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء من خلال:

  • الاعتراف بوجود مشكلة، فالإدراك هو المفتاح الأول للتغيير.
  • وضع حدود واضحة، وتمسّك بها، حتى لو سبّب ذلك انزعاج الآخرين.
  • تقليل التواصل أو قطعه تمامًا إذا كانت صحتك النفسية تتطلب ذلك.
  • طلب المساعدة من معالج نفسي أو الانضمام إلى مجموعات دعم لمساعدتك على التعامل مع صدمات العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء.
  • الوعي لتفاعلاتك مع أفراد العائلة الموسّعة الآن بعد أن أصبحت أكبر سنًا، ولاحظ كيف تؤثر عليك.
  • كن حازمًا دون عدوانية.
  • أخبر أفراد عائلتك بما تشعر به تجاه تصرفاتهم أو إهمالهم، واطلب منهم التغيير، لكن كن مستعدًا لتقبّل احتمال أنهم قد لا يستطيعون أو لا يرغبون في ذلك.

الخلاصة

تظل العائلة السامة وتأثيرها على نفسية الأبناء جرحًا صامتًا يترك أثره في النفس، لكن الوعي هو أول خطوة نحو التحرر، فإن فهمُك لما مررت به لا يعني الضعف، بل هو قوة واستعادة لذاتك الحقيقية.

وقد لا نختار العائلة التي نولد فيها، لكننا نستطيع اختيار الطريقة التي نعيش بها بعدها، فإن التعافي من الأذى العاطفي رحلة تحتاج إلى صبر، وحب للذات، وحدود صحية تحميك.

المصادر

 

en_USEnglish